المتواجدون حالياً :15
من الضيوف : 15
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 74511504
عدد الزيارات اليوم : 6954
أكثر عدد زيارات كان : 216057
في تاريخ : 18 /04 /2019
الإنسانُ في مجتمعٍ متحضر، تُحفظ فيه الحقوق، ويُطبّق فيه نفس القوانين على الجميع بلا تمييز، ويدعم تكافؤ الفرص، عادة ما يلتفت الى تطوير نفسه، وتحسين قدرات، للترقي والتقدم ،وتحقيق ما يصبو إليه.
أمّا عندما ينتشر الفساد، وينهار العدل، ويعلو السفلة والمرتشين فإن الإنسان يسعى الى إيجاد سُبل أخرى لدعمه، وتحقيق أهدافه.
لذا؛ يتقوقع الانسان على نفسه وطائفته، أو عرقه، أو غير ذلك من الانتماءات، ويكِنُّ عداوة شديدة الى المختلفين عنه. قد يتطورُ الأمر الى حربٍ أهلية، تأتي على الأخضر واليابس، ولا تسمح بنمو إلَّا كل ما هو خبيث ودنيء وفاسد. هذا هو تحديدا ما تعلّمهُ الأشقاء في العراق ولبنان بأصعب الطُرق. هو أيضاً ما اتفقوا جميعاً على نبذه والتخلص منه. هو أيضاً ما يسعى المستفيدون من الطائفية لتقويضه، وابقاء الحال على ما هو عليه.
إن السنوات الماضية جعلت دولاً؛ مثل لبنان وسوريا وليبيا والعراق، أرضاً لصراعٍ، لا ناقة للمواطنين فيه ولا جمل، ولكنهم هم دائماً الضحايا، وهم دائماً من يدفع الثمن. بينما تدعم الأطراف الخارجية، عملائها ورجالها، لتولي المناصب القيادية، لتحقيق اجنداتها ومصالحها الخاصة في المنطقة، لا ينال المواطن العادي إلَّا الفقر والمعاناة. إنَّ أول الطُرق لمكافحة الفساد ،والحصول على الاستقلال، والتمتع بالمواطنة الأصيلة، هو التخلص من الطائفية، وغيرها من الأمور التي تصنع الفرقة والخلاف. أول الطُرق لنجاة لبنان والعراق، هو التخلص من نظام المحاصصة الطائفية الذي يؤصِّلُ للفرقة، ويقتل أي مبادرة وطنية أصيلة، لتحقيق الرفاهية والتقدم للشعوب. إنَّ النظر في الحالة اللبنانية بتمعن، يمكن أن يوضح حجم المأساة التي يعيشها الشعب اللبناني، فالأسماء على الساحة السياسية، لم تتبدل، منذُ عقودٍ طويلة، وحتى من مات، ورث ابنهُ المنصب، فالمناصب يُعاد تدوريها على نفس الوجوه ونفس الأسماء، بدون جدارة، بدون برنامج انتخابي، وبدونِ تغييرٍ في حياة المواطن، إلَّا للأسوأ، حتى وكأنهم يساوون بين المواطنين في البؤس بينما تزداد أرقام حساباتهم البنكية من ستة أرقام لسبعة أرقام وربّما ثمانية!
إنَّ الطائفية تقتل الانتماء للوطن، وتجعلُه موجهاً من أطرافٍ خارجية، ولا سبيل لتحقيق المواطنة ، الانتماء الحقيقي، العيش في سلام، التفرغ للبناء، التنمية، والتخلص من العملاء والفاسدين، إلَّا بالتخلص من الطائفية، وغيرها من الفروق التي تميّز بين المواطنين وتخلق بينهم عداوة لا تنتهي.
كل الأمنيات الطيبة للأشقاء في لبنان والعراق بتحقيق المواطنة الحقيقية والمساواة الكاملة والتخلص من كُلِّ آثر للعملاء والفاسدين.