المتواجدون حالياً :24
من الضيوف : 24
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 74505296
عدد الزيارات اليوم : 746
أكثر عدد زيارات كان : 216057
في تاريخ : 18 /04 /2019
تثيرني الأحداث الحادة التي لا عودة لأولياتها، كاستشهاد الشباب في ساحة التظاهرات، هذه اللوحة التي ترسم في فضاء الساحة ،هي صوت نداء لا مثيل له، صوت مدوي مهما غلفنا الأحداث وصيرناها اعلاما أو ثقافة عامة،
وبالطبع لن أكون وحدي من يتألم، ولكن الأمر يعود إلى أن الألم يزول عندما يشخص الشباب بتمثال، عندئذ يكون الأمل بالرؤية لهم بمثابة التواصل الحي معهم، هؤلاء الذين ضحوا من أجلنا ،علينا أن ننظر إلى تماثيلهم، نظرة احترام من أنهم منحوا مزيدا من الحياة لنا، لقد فتحوا كوة في ظلام الحياة اليومية ليتسرب النور السماوي منها لقلوبنا كما لو كان الضوء تيار ماء دجلة كي يسقي عروقنا البصرية. هذه الصور أو التماثيل المتخيلة لهم، بمثابة الاهتمام بثقافة التاريخ المعاصر، وللفنون التشكيلية تاريخ عريق تتحدث لوحاتها عن العلاقة بين الشهداء والتاريخ، فالعلاقة بين الفن والإنسان أكثر جدوى من العلاقة بين الإنسان والطبيعة، ولذلك نجد فن الرسم وهو يقبل على تصوير الأحداث التاريخية كي ينتزع الإنسان ،وخاصة الثائر، من الطبيعة ويحوله إلى رمز مضاد لفعل الطبيعة، ولذلك ارتبط فن القرن السابع عشر في اوروبا بالتاريخ من خلال نماذج من الثوار، ابتداءً من اعظم البطولات إلى تصوير الحياة اليومية كما يقول ليونيللو فينتوري في “كيف نفهم الرسم” ص 123، وأبرز ممثلي الفن الذين جسدوا بطولات الناس ضمن فهمهم للتاريخ، فرانشسكو – جويا، “كان قد اكتشف مضمونًا جديدا لآثاره وكان من القوة بحيث أصبح حينذاك مصدرًا للتأثير في أحسن ما أنتجه القرن التاسع عشر من آثار فنية” إذ عرض فيها جماعة من الوطنيين المجاهدين الأسبان حينما كان ينفذ جنود نابليون الإعدام يوم 3 مايس 1808 بهم. لذلك بحاجة ماسة للوحة فنية ولم اقل لوحات، تجسد الكيفية التي قتل فيها شباب التظاهرات في العراق كي يتعرف من يأتي ان الزمن الذي يعيشون فيه هو نتيجة لتضحية هؤلاء الشباب في ساحة الانتفاضة في تشرين الأول عام 2019، فالذين صوبوا النيران لصدور الشباب كانوا مقنعين مختفين وراء متاريس وقلاع السلطة، بينما كان الشباب عراة الصدور في ساحات النضال الحقيقية، الأمر الذي يجسد تاريخيا دور الساحة في النضال ضد قلاع السلطة، وهذه الثيمة تاريخية وليست مختصة ببلد دون آخر.