المتواجدون حالياً :22
من الضيوف : 22
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 74505490
عدد الزيارات اليوم : 940
أكثر عدد زيارات كان : 216057
في تاريخ : 18 /04 /2019
(يُعرّف النموذج لُغةً بأنه مثال الشيء، مثالٌ يُقتدى به مما يدُل أنهُ يجبُ أن يكون متكاملاً)..أمّا النموذج الذي أنا بصدد تعريفه، فهو النموذج الذي يُشكِّلهُ الإنسان في عقلهِ، مرتكزاً على منظومة الأفكار والقيم والتجارب والمعتقدات،
تلك التي ترسخت في العقل اللاواعي تراكمياً، مُشكِّلةً ملفاتٍ متعددة، وعلى ضوئها يُحدد الإنسان الصورة الإجمالية للعالم وللبيئة التي يعيش فيها. يُعرِّف الكاتب الأمريكي (ستيفن كوفي) النموذج : الصِور التي نحمِلُها في عقولنا عن الاشياء وعن الواقع ، كلُّنا يعتقدُ أنهُ يرى العالم كما هو، وفي الحقيقة نحنُ نرى العالم كما نحن أو بعبارة أخرى كما نريدهُ نحن. إن النموذج الذي نحمِلُهُ في عقولِنا، يتسببُ في سلسلةٍ من التجارب الفاشلة والأخطاء التي نُمارِسُها بشكلٍ يومي وبطريقةٍ لا واعية، تعودُ للفهمِ والقراءة الخاطئة للواقع الذي نعيشه، معتقدين صحة ووضوح رؤيتنا لهذا الواقع، والحقيقة أننا بهذا العمى عن الصورة الحقيقية للواقع، ننزل للقاع شيئاً فشيئاً، وتزدادُ وتتراكمُ مشاكِلُنا.. مشكلة بعد أخرى.
إن صياغة النموذج الجديد تتطلب إعادة النظر في مستوى التفكير، ومحاولة تغيير الأفكار النمطية التي اكتسبناها من المنظومة الفكرية، والتجارب السابقة. يقول عالم الفيزياء اينشتاين: المشاكل الخطيرة التي نواجهها لا يمكن حلُّها بنفس مستوى التفكير الذي كنا عليه حين صنعناها. من الأمثلة على النموذج السلبي، هي النظرة أو الحكم المُسبق على الآخرين والتمسك بالصورة النمطية عنهم، واعتبارِها الصورة الحقيقية، وتبعاً لذلك نتعاملُ مع الناس على أساس هذه الصورة التي قد يكون جزءٌ منها صحيح، ولكن الصور الإجمالية غيرُ صحيحة، ومثالٌ آخر عن النموذج السلبي، هو اعتقادُنا بأن الآخرين لا يفهمون شيئاً، وأننا فقط من نفهم العالم والحياة بالشكل الصحيح، وأن الناس دائماً على خطأ ونحن على صواب ،وهذا النوع من النماذج من أخطر النماذج، والذي يتسببُ قبل كل شيء بخسارة الاشخاص المحيطين بنا. إن النموذج المُشكّل سابقاً حسبما ذكرتُ من أسبابٍ، يؤثِّرُ على الإنسان وعلى جميع الأصعدة، علمياً، وظيفياً، اجتماعياً، وسلوكياً. كيف تتم صياغة النموذج المثالي
أن مفردة ( المثالي ) لا تعني بالضرورة المثالية بالمعنى الحرفي للمفردة، وإنما الوصول إلى النموذج الأفضل، والذي هو تغيير الصورة التي نرى بها العالم من حولنا، وقد نكون قد أضعنا الكثير من الوقت، ونحن نحمِلُ صورةً غير واقعية عن العالم. أن أفضل الطُرق لإعادة صياغة النموذج، هي القراءة في مجالاتٍ عديدة، ومحاولة كسب تجارب جديدة علمية وعملية، وكذلك التأني في الأحكام التي نُطلِقُها عن الأشخاص والسلوكيات، ولا بدَّ كذلك من مراجعة منظومة الاعتقادات والمبادئ التي تم ترسُّخِها بشكلٍ لا واعٍ، وتمّت تعبئتُنا بها منذُ سنوات الطفولة الأولى، لأن الكثير منها قد لا يكون مبنياً على أسسٍ صحيحة. إنّ النموذج الذي تحدثتُ عنه ليس مستحيلاً إعادةُ صياغته بالشكل الملائم، وإنّما يتطلبُ شيئاً من العزم والإرادة لتغيير الأفكار، وبالتالي سنلمِسُ نتائجاً صحيحة بعد تغيير النموذج، و أوّلُها تحسين العلاقات الاجتماعية، ونتائج الأعمال التي نقومُ بها مما يغيّرُ حياتنا نحو الأفضل.