المتواجدون حالياً :47
من الضيوف : 47
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 74570551
عدد الزيارات اليوم : 6703
أكثر عدد زيارات كان : 216057
في تاريخ : 18 /04 /2019
صادق البصري / الناس مع كونهم يجهلون قيمة نفوسهم فهم يجهلون من هو الوضيع والرقيع بالنسبة لهم . في صيف العراق حين ترتفع درجات الحرارة تنتاب الرجل منا رغبة عارمة للهرب بعيدا وهو الخيار الأوحد بدلا من أن يرتكب جريمة ما أو ينساق إلى حماقات لا طائل منها ، ربما كان السبب التكوين النفسي أو اليأس والعجز أو ربما الميل للأجواء المعتدلة ، في بيوت الأغنياء تغلق نوافذ البيوت وتسدل الستائر ..
وفي الشارع يرفع زجاج السيارات الحديثة وتبدأ وسائل التبريد الحديثة بالعمل وسط جحيم الصيف اللاهب ، وفي القصور الفارهة وتحديدا داخل الغرف الواسعة حيث الأرضيات الرخاميةrnوقطع الأثاث المطلية بالدهان اللماع وهي تعكس الإضاءة الخفيفة التي تبعث بالنفوس الشعور بالبرودة والراحة مع استمرار التيار الكهربائي دون انقطاع ،أما إذا شعرت بالعطش فهناك من يقدم لك كأس من الكريستال فوق طبق من البلور الشراب المثلج من عصير الليمون أو البرتقال الطازج ، حتى قطع الثلج الصغيرة وهي تصدم جوانب الكأس تبعث على الانتعاش والإحساس بالبرودة لمجرد النظر إليها، وحتى المشاكل هنا تختلف جذريا وذات طابع مغاير وأكاد اجزم أنه من الإجحاف أن نسميها مشاكل بقدر ما هي شؤون حياتية عادية .rnأما في بيوت الفقراء فالأمور تختلف تماما ، ففي بداية الموسم الذي يمتد من شهر آيار حتى نهاية شهر تشرين الأول حينها فقط تبدأ الحرارة بالانخفاض تدريجيا ، ففي بداية موسم اللهيب تضيق البيوت أكثر ما هي ضيقة بعكس نظرية تمدد الأشياء بالحرارة !!.rnوحين تشعر بالعطش فليس أمامك سوى ماء الثلج المصنوع بطريقة بدائية أو ماء الحنفية مع انقطاع الكهرباء لساعات إذ يأتيك ساخنا كالحساء ،جميع الذكور أشبه بالعراة لا يكسوهم سوى الملابس الداخلية، أما الإناث فمخنوقات داخل كومة من الملابس الداكنة ولفافات الرأس وقد التصقت الملابس بالأجساد التي تفوح منها رائحة العرق بوجوه زرقاء بسبب صعوبة التنفس لقلة الأوكسجين ، ناهيك عن النفير العام للحشرات الزاحفة والطائرة وكأنها القيامة ، وإذا أغلقت النوافذ استحال البيت إلى قبر حقيقي فليس أمامك إلا الاختناق وقد غشتك رائحة المعدن المصبوغ بالمادة الحمراء مانعة الصدأ ، عندما ترتفع درجات الحرارة هنا تهبط تبعا لها أخلاق الناس ،إذ يصبحون هستيريين أكثر فيحتدم الشجار لأتفه الأسباب والأسباب تتناسل مشاكل ونزاعات حقيقية مخلفة وراءها ويلات مع تفشي البطالة و ضعف الموارد وغول التشدد والتقشف والإكثار من زيارة القبور وما يصاحبها من شعور بالجزع زد على ذلك ممارسة رياضة سماع أدعية الرزق وترنيمات الصباح الجنائزية بلكنة تبعث على الحزن والقنوط ، في قصور الأغنياء إذا صادف وانزعج الرجل أو المرأة داخل البيت يستطيع كل واحد منهم وبكل سهولة أن يتمالك نفسه ويترك مكانه إلى التحول إلى أماكن أخرى في البيت الذي يعيشان فيه إلى أن يهدأ أو تهدأ ذلك لوسع مساحة البيت وتعدد طبقاته واتساع أفق كلا الطرفين ولغة التفاهم والانسجام بينهما ، أما الرجل في الأسرة الفقيرة فهو محشور مع أطفاله وزوجته وإخوته وأخواته وأمه وأبيه كسمك السرد ين المعلب لضيق مساحة البيت والغرف ،والضغط المتزايد حتما يولد الانفجار، فإذا انهار وشعر باليأس فما عليه إلا الهرب من البيت مرارا أو الخوض في مشاكل وتحديات لا حل لها ، وكذلك الزوجة والأولاد الكل مشاريع دائمية للهرب تحت ضغط حياة لا جدوى منها أو خيار المكوث وسط اليأسrnوإقناع النفس بالصبر إلى مالا نهاية أيضا دون جدوى ، وهذا هو جوهر الاختلاف.