المتواجدون حالياً :25
من الضيوف : 25
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 74490162
عدد الزيارات اليوم : 11841
أكثر عدد زيارات كان : 216057
في تاريخ : 18 /04 /2019
تحقيق العراق اليوم rnعادل حيدر حسونrnمثنى رحيم كاظمrnرزان الـحـافـظrn- منظر صادم جعلني أجهش بالبكاء، حين رأيتها بين ذراعيه، لم استطع أن أتمالك نفسي، كانت أشبه بـ(مومياء)، وهو يحاول تحريك جسدها النحيل، المشلول، ليجلسها قربه، بين طفليه ، سارداً لي قصتها وهو يلوّح بيده بحقنة دواء الـ(كورتيزون)
هذا المشهد الذي اعتاد عليه أمير صاحب الـ (27) ربيعاً من عمره ، الدواء الذي حوّل زوجته بشائر ( 22) سنة لمجرد هيكل بشري ليس إلا،بعد أن سلبها ريعان شبابها وهدم أحلمها الكبيرة بحياةٍ هانئة سعيدة مع عائلتها، حيث لم يكن يعلم إن زوجته تنتظرُ مصيراً مجهولاً وقاتلاً جرّاء زرقها بحقنة منتهية الصلاحية إلّا بعد فوات الأوان.أمّا سالم العبيدي الذي نحت الحزن جرّاء فراق ابنه المتوفي، تضاريساً واضحة على وجهه الشاحب، شارحاً حال ولده الذي انتقل إلى جوار ربه، إثر حقنة منتهية الصلاحية حيث قال:(أصيب بحالة إعياء وحمى، وتبين بعد فحوصات أجريت له في مستشفى حكومي، إنّهُ مصاب بفطريات في المعدة، بحسب الأطباء، فقرروا إبقاءه في المستشفى لحين شفائه. وتابع: (أعطي ابني حقنة للقضاء على تلك الفطريات، بعدها تدهورت حالته الصحية، وأصيب بتخثرٍ في الدم أدى إلى وفاته)، لافتاً إلى إن سبب الوفاة (حقنة إيرانية منتهية الصلاحية، وهذا ما اكتشفناه لاحقاً ـ حسب قوله).rnمنافذ دون رقابةrn احمد الشمري، موظف في إحدى النقاط الحدودية،قال إن" كميات من الأدوية والعقاقير الطبية الإيرانية أتلفت لعدم صلاحيتها، وعدم مطابقتها للمواصفات، لافتاً إلى إن " آخِرها كانت شحنة من الأدوية تُقدّر كميتها بأكثر من طنين، دخلت عن طريق منفذ زرباطية الحدودي قبل نحو شهر، لصالح إحدى الشركات المتخصصة ببيع الأدوية وقد صودرت وأتلفت". الشمري أشّر لنا بعدها ملاحظةً مهمة: " إنّ المواد الغذائية والأدوية الإيرانية لا تخضع للتدقيق من قبل جهاز السيطرة النوعية، وهذه من ضمن الأوامر التي تلقاها من قبل المسؤولين في المنفذ، وأن تلف شحنة الأدوية، كان بسبب منافسة بين تجار الأدوية،حيث قام احدهم بفضح البضاعة بوسائلٍ علمية، وكان لا بد من إتلافها "!rnمدير عام مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية - اللواء حسين الشمري، بيّن في مؤتمرٍ صحفي: " إنّ هناك تجاراً كباراً يتمتعون بسلطة ونفوذ في المنافذ الحدودية، وهيئات الرقابة الصحية تساعدهم في إدخال الأدوية الفاسدة، وتمّت مصادرة عدّة أطنان منها خلال السنوات الماضية، والتي يتم بيعها من قبل أشخاص غير متخصصين أو شركات احتكارية"، كذلك : " إنّ نسبة 85 % من هذه الأدوية المصادرة كانت منتهية الصلاحية في الصيدليات المُرخصة، ومن ثم فإن العديد من المواطنين لقوا حتفهم نتيجة هذه الجريمة البشعة".rnمافيا غش الأدويةrnتوجهنا إلى بغداد وبالتحديد إلى كلية الطب في الجامعة المستنصرية، حيث كشف الدكتور نبيل رزاق سمير - أستاذ الفارماكولوجي، النقاب عن بعض أساليب غش الدواء وتزييفه، والتي يدفع ثمنها في النهاية المريض: " إنّهُ إلى جانب وجود مزيفين محليين ومصانع تعرف بمصانع (مريدي)، والتي تقوم بتعبئة الدواء المغشوش في عبوات الدواء الفارغة، هناك أيضاً مزيفون على مستوي عالمي، فالصين على سبيل المثال من أوائل الدول في العالم التي تنتشر بها صناعة الدواء المزيف وفيها نحو 1200 مصنع تقوم بإنتاج الدواء المزيف، ونوّه إلى صعوبة التمييز بين الدواء الأصلي والمزيف ،وذلك لدقة ما يطلق عليهم "مافيا غش الأدوية" وبراعتهم في استخدام أمهر أساليب التزييف، بدءً من طباعة ولون العلبة حتى عملية التغليف نفسها، لذلك تصعب التفرقة بين الدواء الأصلي والمزيف إلّا بعد تحليل المادة الخام الدوائية التي بداخل كل علبة دواء، أو سحب عينات عشوائية من الأدوية المشكوك في سلامتها، فعلى سبيل المثال تدرس انجلترا حالياً، احتمال استخدام جهاز ذي قدرة تكنولوجية عالية على كشف تزييف الدواء عن طريق بصمة للدواء، حيثُ تعمل هذه البصمة بنظامٍ يرتبط بالمصنع وبالتشغيلة الدوائية، وبالتالي يصعب تزويرها، ومن المتوقع أن ينتشر هذا الجهاز في بريطانيا وأوروبا رغم ارتفاع سعره الذي يتجاوز الـ 50 ألف دولار". الدكتور احمد جبار - رئيس إحدى الشركات المستوردة للأدوية، شارك: " إنّ جميع الشركات المُصنِّفة للأدوية، تحاول جاهدة أن يكون منتجها الدوائي غير قابل للتزييف، أو على الأقل صعب التزييف، لذلك يجب على المستهلك في هذه الحالة أن يتعرف على كيفية كشف الدواء المزيف بنفسه، وأن يقارن جيّداً بين الدواء الذي اعتاد استخدامه وأن يتعامل مع صيدلي يثق فيه"، ونصح جبار: " إنّ الأدوية المستهدفة بالغش هي الأدوية الغالية الثمن، مثل أدوية السرطان وبعض الأدوية المنشطة للحالة الجنسية، وأدوية الكلى والكبد والمكملات الغذائية"، واتهم جبار: " بعض شركات الأدوية التي تقوم بنشر الأدوية المغشوشة والمحروقة أو التي فسدت لديها، لسوء تخزينها أو انتهاء صلاحيتها". جبار أبقانا عنده بمزيدٍ من تحليلاته : " إنّ هذه الظاهرة الخطيرة بدأت مع ظهور موزعي الأدوية غير المعتمدين منهم من يتعامل مع مخازن الأدوية الأهلية، البعض منها غير مُرخص له بالعمل من وزارة الصحة. يعمل هؤلاء الموزعون بعيداً عن شركات التوزيع المعتمدة، وشيئاً فشيئاً، بدأت تنتشر هذه التجارة التي وصفها بأنها أخطر من تجارة المخدرات حتى تحول مندوب الأدوية إلى تاجر (شنطة)،يحمل قائمة بأدوية مغشوشة ومنتهية الصلاحية يبيعونها للصيادلة، بخصومات تصل نسبتها إلى 50 ? ، وللأسف يقوم البعض من ضِعاف النفوس بشرائها في حين يبيعها البعض الآخر بسعرها الأصلي، حتى ينكشف أمره ويقع الصيدلي ضحية عملية نصب".rnقائد شرطة محافظة كربلاء - اللواء احمد علي زويني ، تطرق الى مافي يد السُلطات من وسائل لمكافحة هذا الغش القاتل :" إنّ قوة أمنية مشتركة من جهاز المخابرات الوطني وشعبة استخبارات الأمن الاقتصادي والمالي ،تمكنت وفي عملية نوعية ووفق معلومات استخباراتية دقيقة، ضبط أكثر من (عشرة أطنان) ،عبارة عن أدوية ومستلزمات طبية ومواد تجميل فاسدة ومنتهية الصلاحية ومختلفة الأنواع، داخل مركز تجاري لبيع مواد التجميل في حي تجاري غربي المحافظة، مكوّن من ثلاثة طوابق، وأيضاً ضبط أختام وكتب مختلفة تستخدم لتزوير مدة الصلاحية وتاريخ النفاد". أخيراً ومن خلال كل ما تقدم نصل إلى حقيقة إن استخدام الدواء منتهي الصلاحية أصبح خطراً حقيقياً يهدد حياة الملايين من الناس، نتيجة جشع ونهم أصحاب النفوس الضعيفة لجمع أكبر قد ممكن من الأموال على حساب صحة المواطنين وحياتهم، وهنا لابد من وقفة حقيقية مشتركة بين وزارة الصحة والداخلية لتفويت الفرصة على هؤلاء ، إضافة إلى تفعيل صلاحية جهاز التقييس والسيطرة النوعية، وعدم التعامل مع أي نوعية دوائية دون فحص الجهاز المذكور، مع التأكيد من قبل أجهزة العلم المختلفة على ضرورة تعاون المواطنين بهذا الخصوص من خلال امتناعهم عن شراء الأدوية التي لا تكون خاضعة للفحص من قبل الجهاز الوطني للتقييس.