المتواجدون حالياً :25
من الضيوف : 25
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 74505318
عدد الزيارات اليوم : 768
أكثر عدد زيارات كان : 216057
في تاريخ : 18 /04 /2019
المُعلّم العراقي.. رسول بلا رسالة !! .. ظاهرة تسرب التلاميذ من المدارس..من المسؤول؟!
بتاريخ :
الأربعاء 12-04-2017 07:08 صباحا
تحقيق العراق اليوم - عادل حيدر حسون
ربّما لا نأتي بجديد حين نقول إنّ ظاهرة التسرب من المدارس، لم تكن وليدة الظروف الحالية التي يمر بها البلد بعد العام 2003 ، بل أنها كانت موجودة حتى قبل هذا التاريخ إبان الحرب العراقية الإيرانية،
وهو أمرٌ متوقع وطبيعي، نتيجة ظروف الحرب، وما تفرضه من تأثيرات سلبية على العديد من مفاصل الحياة، وبخاصة الاقتصادية منها، لتكون ظاهرة التسرب من المدارس واحدة من تلك النتاجات والانعكاسات، ولأي مجتمع أو دولة كانت.
هذه الظاهرة الخطيرة والتي تؤثر على مستقبل البلاد بشكلٍ عام ..على المديين المنظور والبعيد، لا تقتصر على محافظة بعينها أو مجتمع دون غيره، بل هي منتشرة في جميع المناطق دون استثناء حيث تشيرُ آخِرُ الاحصائيات الرسمية الى أن نسبة تسرب التلاميذ من مدارس العراق بشكلٍ عام وصلت الى حوالي مليون طفل دون سن الخامسة عشرة، وهو رقمٌ خطير بلا شك،والتساؤل الذي يفرض نفسه بقوّةٍ هنا، هو : " من المسؤول عن هذه الظاهرة ؟ وكيف السبيل لتقليل آثارها ؟ والحدّ منها على أقل تقدير، فهل هي مسؤولية المجتمع أم الدولة أم وزارة التربية وإدارات المدارس أو الأسرة ؟ أم إنّ الجميع يتحملون المسؤولية وبنسبٍ متفاوتة؟؟
الفقر.. عزرائيل التعليم
للإجابة على هذا التساؤل، لا بدّ من التعرف على آراء بعض المختصين بهذا الشأن أولاً، حيث يقول احد المشرفين التربويين الذي فضّل عدم التطرق لاسمه الصريح بعد قناعتنا بالأسباب التي طرحها : " لاشك إن هنالك أسباباً ونتائجاً عديدة لهذه الظاهرة الخطيرة، ومنها ضعف الإمكانية المادية للأسرة، حيثُ تشير الإحصائيات إلى أن 40% من الشعب العراقي، باستثناء إقليم كردستان، يعيش تحت خط الفقر". الخبير الاقتصادي الحامل لدرجة الدكتوراه الأكاديمية - جبار عبد الرزاق، ذكر : " إنّ تقاريراً محايدة قد ذكرت أن نسبة الفقر في العراق، تقترب من حاجز الـ 40 %. إنّ العامل الاقتصادي يلعب دوراً رئيسياً في سعة حجم ظاهرة التسرب كما إن عدداً غير قليل من أطفال الصف الأول، يتركون الدراسة بسبب عدم التأقلم مع الأجواء الجديدة في المدرسة، وذلك لعدم تهيئة الطفل للمرحلة الابتدائية، وقلّة عدد رياض الأطفال فضلاً عن ضعف النظام التعليمي في المدارس الابتدائية، حيث يؤدي عجز هذا النظام عن تحقيق الأهداف التربوية، وعدم توفير الجو المناسب للطفل داخل المدرسة، وعدم قدرة النظام التعليمي على تنمية قدراته وإمكانياته، وبالتالي يؤدي بالتلميذ إلى عجزه نحو الوصول للغاية المنشودة من الدراسة، وإلّا فأنهُ سيفشل فيها مما قد يدفع به إلى تركها".
التخلف والتطرف
يترصدان الطالب
المشرف التربوي- نزار جعفر، شاطر زميله الذي رفض الكشف عن اسمه بكلِّ ما ذكره من أسباب حول هذه الظاهرة، ليضيف بعدها : " بالإضافة لكلِّ ما ذكرهُ زميلي، فإن هنالك أسباباً تتعلق بعدم توفر الوعي الثقافي والاجتماعي لدى الأسرة، وعدم إدراكهم لمدى الضرر لاحقاً من جرّاء انقطاع أطفالهم عن المدرسة، إضافة إلى النظرة المتخلفة إلى تعليم الإناث والعادات والتقاليد العشائرية، والزواج المبكر للإناث، وخصوصاً في الأرياف والأحياء الفقيرة المحيطة بالمُدن الكبيرة، إضافة إلى التطرف الديني، فقد أشار المسح الميداني الذي اُجري قبل فترة قصيرة إلى انخفاض نسبة التحاق الفتيات بالمدارس الابتدائية عن مُعدّلاتها بين الصبيان في كل المراحل الدراسية وفي جميع المحافظات".
متى يعود المعلّم رسولا ؟
مدير إحدى المدارس الابتدائية في محافظة بابل - محي محمد حسن ، كانت لهُ هذه الحصة: " قد يكون للمعلم دور كبير وفعّال في قبول ورفض التلميذ للمدرسة، كأن يكون محباً لتلاميذه، مراعياً خصائصهم النفسية والعقلية والاجتماعية، فكلما كان المعلم محبوباً من تلاميذه ، كانت المادة سهلة وسلسة بالنسبة لتقبلهـــا للتلاميذ ، وبذلك يحب المُعلّم والمدرسة ، ويحرص على الذهاب إليها بنفسه دون تدخل أي طرف آخر ، وعلى النقيض من ذلك، عندمــــا يكون المُعلّم متسلطاً، ويأخذ مبدأ الأمر والنهي في أسلوبه وطريقة تعاملــــــه مع التلاميذ، فسيكون الوضع مختلفاً، حيث يكره التلميذ المعلم والمدرسة معاً، فنراه يسلك أساليب ملتوية في التعامل، فنرى شخصيته تضعف وينتابــــــــــهُ الخوف والفزع من المُعلّم ومع تطور الأحداث سيهرب أو يتقاعس عـــــن الذهاب إلى المدرسة". قاسم حسن كاظم - مُعلّم لإحدى المدارس المتوسطة في مدينة النجف، يقول عن هذا الموضوع: " عدم استخدام كثير من المدارس للطُرق (الحديثة والمشوّقة) والتي تعتمد على التفكير والعمل والحركة والحيوية والنشاط داخل الصفوف والمدرسة، إضافة لعدم وجود برامج منتظمة في المدارس الابتدائية، وعدم وجود نشاطات وفعاليات مختلفة، سواء داخل المدرسة أو خارجها كالمسابقات الرياضية والسفرات الترفيهية، بسبب الوضع الأمني الذي يمر به البلد. كلّ هذه الأسباب وغيرها كثيرة، ساهمت وتُساهم بشكلٍ كبير في زيادة نسبة الطلبة المتسربين من المدارس وبكافة مراحلها". احمد سعيد حسن، والد التلميذ (ياسر)، احد طلاب الصف الأول لإحدى المدارس الابتدائية في مدينة كربلاء يقول: " إنّ للأسرة دوراً كبيراً ومهماً في مساعدة ابنهم في الاستمرار بدراسته، وعدم التسرب منها ..من خلال الاتصال الدائم مع إدارة المدرسة والزيارات المتكررة لمدرسته، للاطلاع على أحواله ووضعه الدراسي واستمراريته في الدوام ، ومن ثم التدخل لحل أيّة إشكالات قد تطرأ على وضعيته". خالد محمد علي، والد التلميذ (حسين) في إحدى مدارس المحافظة الإعدادية، ذهب الى اتجاهٍ آخر : " إنّ مصاعب الحياة والوضع الاقتصادي الصعب الذي نمر به، يقف في أكثر الأحيان حائلاً دون متابعة ولدي ومدى التزامه في دوامه، لكنني دائم النصح له بالاهتمام بدراسته، والنجاح الدائم والمستمر، لأن ذلك سيحدد مستقبله ويساعده بشكلٍ كبير ، كما إن والدته هي الأخرى تحاول دائماً توجيه النصح والإرشاد له، إضافة لمساعدته في مراجعة مواده الدراسية معه، كونها خريجة الدراسة الإعدادية.
آراء التلاميذ
لاستقراء اراء بعض الطلاب الذين لا يميلون للدراسة ويتعمدون التسرب الدائم منها، التقينا كرار محمد حسن - الطالب في الصف الرابع الإعدادي في كربلاء : " لا أملك أيّة ميول للدراسة ولا أحبذها، وأقوم بالخروج من البيت صباحاً وإيهام أهلي بالذهاب الى المدرسة". النتيجة إنّهُ وبحسب قوله : " يذهب الى المقهى مع بعض زملاءه لممارسة لعبة البليارد وكرة الطاولة، ونادراً ما يذهب الى المدرسة رغم تحذير مدرّسيه وإدارة المدرسة بضرورة الالتزام بالدوام قبل صدور قرار فصله، لكثرة الغيابات"، ويضيف الطالب حسن : " إنّ مدير مدرسته كثيراً مايقوم بإخراجه من المدرسة واستدعاء ولي أمره، إلّا إنّهُ يتعمد عدم إبلاغ والده بذلك ، لأن والده كما يقول كرار منشغل بعمله في الحي الصناعي، حيثُ يخرجُ صباحاً ولا يعود الى المنزل إلّا مع الضياء الأخير، ويتكرر هذا الأمر يومياً تقريباً".أخيراً فإن ظاهرة التسرب فيما لو استمرت على هذا الحال دون إيجاد حلول ناجعة لها سيكون لها مردودات سلبية.. ليس على مستقبل شبابنا فحسب، بل على مستقبل البلد بشكلٍ عام. إنّ على الجهات ذات العلاقة جميعاً.. ابتداءاً من الحكومة المركزية والحكومات المحلية ووزارتيْ التربية والداخلية وإدارات المدارس وأولياء أمور الطلبة لكافة المراحل الدراسية الاهتمام بمستقبل هؤلاء الشباب .. من خلال المتابعة المستمرة لهم وكلٌ ضمن اختصاصه، للحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة والقضاء عليها بشكلٍ تدريجي ما أمكن، إضافة الى إننا نرى أن تفعيل قانون التعليم الإلزامي ومجانية التعليم للعوائل المتعففة، أمورٌ قد تسهم بشكلٍ كبير في تقليل نسب التسرب وتخفيف الضغط على عوائل الطلاب، وتساعد في استمراريتهم بالتعليم حتى مراحله النهائية.